الخميس، 2 أبريل 2009

هذه أخلاقنا ،،، عفة النفس


العفة هي كف النفس عن المحارم وعن ما لا يجمل بالإنسان فعله، ومنها :

العفة عن اقتراف الشهوات المحرمة، وعن أكل المال الحرام، وعن ممارسة ما لا يليق بالإنسان أن يفعله مما لا يتناسب مع مكانته الاجتماعية، ومما يراه الناس من الدناءات كالجشع في الولائم، والتسابق على أطايب الطعام، وكالجشع في التجارة، ومزاحمة صغار الكسبة في مجالاتهم قليلة الموارد والأرباح والتطفل، أو ما يشبه التطفل، إلى غير ذلك من أمور كثيرة.

والعفة لا تكون إلا إذا وجد الدافع النفسي إلى ما ينافيها، فإذا لم يكن في النفس دافع الى ما ينافي العفة، أو لم يوجد ما يثير الدافع لم يكن للعفة وجود أصلاً.

فأي معنى لعفة من لا إرْبَ له، أو لعفة معتزل في صومعة لا يتعرض إلى أي مثير؟!

إنها عفة المحروم، أو عفة عاجز لم يتعرض لامتحان.

ولما كانت عفة يوسف عليه السلام عفة مستوفية كل شروطها وأركانها كانت من أعظم أمثلة العفة في تاريخ الانسان، ففي يوسف الرجولة والشباب والدافع القوي، وفي امرأة العزيز الإثارة بكل قواها، جمال ومنصب، وإغراء كامل، ودعوة ملتهبة، وخلوة تامة، وتهديد إن لم يستجب، ومع استيفاء كل هذه العوامل القوية تبرز فضيلة العفة في يوسف عليه السلام، فيضبط نفسه بصبر منقطع النظير، ويقاوم الدوافع والمغريات بإصرار وعزيمة قوية، ترفعاً عن الخيانة، وطلبا لمرضاة الله، وينتصر خلقه العظيم في معركة الدوافع والمغريات والتهديدات.

وقد عرض القرآن الكريم قصة يوسف مع امرأة العزيز أروع عرض يبرز الساحة النفسية عند يوسف، وساحة الإثارة بكل ملابساتها، وقوة الضبط الخلقي الذي جعل يوسف عليه السلام يكف عما لا يحل له، ويعطي أروع أمثلة العفة، فيقول الله تعالى في سورة يوسف:

وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25)


وهكذا كانت عفة يوسف عليه السلام مستوفية لكامل شروطها وأركانها، وبذلك نال مجد هذا الخلق العظيم .

ومن العفة عفة الإنسان عن النظر والتطلع إلى ما لدى غيره من متع الحياة الدنيا من مختلف الاصناف، وفي ذلك يقول الله عز وجل للرسول صلى الله عليه وسلم في سورة طه (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى )(131)


وخطاب الرسول في مثل هذا خطاب لكل مؤمن برسالته، وفي قوله تعالى: ولا تمدن عينيك أمر بالعفة، ونهي عن مجانبة سبيلها.

و”أزواجا” أي أصنافاً مختلفة من زهرة الحياة الدنيا، فيدخل فيها كل ما تمتد إليه مطامع الناس: (مال، سلطان، حدائق وبساتين، خيل مسومة وأنعام، قصور ومساكن طيبة، زوجات حسان، جاه عريض، قوة وجمال، أولاد وذرية) إلى ذلك من أصناف مختلفات.

وإذ أمر الله بالعفة لفت الانظار إلى ما عنده من رزق هو خير وأبقى.

ومن لا عفة عنده يسقط في الخيانة، سواء أكانت خيانة مال أم عرض أم غير ذلك والعفيف المتعفف مع حاجته من أهل الجنة، والخوان من أهل النار.

جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أهل الجنة ثلاثة وذكر منهم: وعفيف متعفف ذو عيال، و”أهل النار خمسة. وذكر منهم: والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه (رواه مسلم)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق